لطالَما كانَت مانهاتن بشوارِعها الصّاخِبة وأحيائَها المتنوّعة تُمثّل بوتقة تنصَهِر فيها الثّقافات. إحدى هذهِ المَناطِق التي تَركَت بَصمة لا تُمحى في تاريخ المَدينة هي “سوريا الصّغيرة”. يقَع هذا الحيّ في “الجانِب الغَربي السّفلي”، وكان هذا الحيّ موطِناً لأوّل صَحيفة باللّغة العربيّة في البِلاد وللشّاعر جبران خليل جبران؛ حيثُ عاش الفيلسوف والفنّان الشّهير في سوريا الصّغيرة. ولا يزال كتابه اللامع “النبي” يلهم القراء في جميع أنحاء العالم.
استقرّت مَوجات من المُهاجرين مِن الشّرق الأوسَط أواخِر القَرن التّاسِع عشر وأوائِل القَرن العشرين في مانهاتن. وقد أسّسوا مُجتمعاً نابِضاً بالحياة يتمَركَز حولَ شارِع واشنطن، ويَمتد من باتري بارك إلى جسر بروكلين. تم حينَها إِصدار صَحيفة باللّغة العربيّة باسم صَحيفة الهدى، أنشَأها نعوم مكرزل؛ وهي أوّل صَحيفة باللّغة العربيّة في الولايات المتحدة. وكانَت بمثابة مَصدَر حيوي للمعلومات وربط المجتمعات ببعضها البعض.
في عام 1889، تَم بِناء كنيسة القدّيس جاورجيوس للسريان الكاثوليك وهي كَنيسة تاريخيّة عَريقة؛ شكّلَت مَركزاً روحيّاً وثقافيّاً للمُجتمَع. استضافت مُناسبات الزّفاف والمَعموديّة والتّجمعات الاجتماعيّة.
مَع تقدّم القرن العِشرين، أدّى التّطور الحَضريّ والتَركيبة السّكانيّة المتغيّرة إلى تَراجُع سوريا الصّغرى. كما أدّى بِناء نفَق بروكلين-باتري في أربعينيّات القَرن العشرين إلى تَفتيت الحيّ. ومع ذلك، أعادَت الجهود الأخيرة إحياء الاهتمام بِماضيها الغني، وهُناك مَسير جَديد يَستَكشِف الآن بقايا سوريا الصّغيرة. حيثُ أتاح للمُشاركين التّعرّف على إرث المُجتمَع وزيارة المواقِع التّاريخيّة والاستِماع إلى قصص الصّمود. تَعمل مُنظمّات مِثل المتحف الوطني العربي-الأمريكي واللّجنة الأمريكية العربية لمُناهضِة التّمييز بِلا كلل للحِفاظ على ذاكِرة سوريا الصّغرى.
إن كنت في مدينة نيويورك، عليك التفكير بالانضِمام إلى جَولة في الزّمن الماضي لاكتشاف هذِه الجَوهرة الدّفينة!
المصادر:
https://gothamist.com/news/manhattan-used-to-have-a-little-syria-a-new-tour-revisits-the-enclave